وصف القرآن الكريم باللغة العربية

أولاً: بماذا وصف الله تعالي القرآن؟

 1- أنه كريم

قال تعالى

(إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ كَرِيمٞ) [الواقعة:٧٧]

المقسم عليه، فهو إثبات القرآن، وأنه حق لا ريب فيه، ولا شك يعتريه، وأنه كريم أي: كثير الخير، غزير العلم، فكل خير وعلم، فإنما يستفاد من كتاب الله ويستنبط منه.

إطلالة حول الآية الكريمة

كريم في اللغة

صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من كرُمَ

الكَريمُ : من صَفات الله تعالى وأَسمائه، وهو الكثيرُ الخير الجوادُ المُعطِي الذي لا ينفَذُ عطاؤه

الكَريمُ: الصَّفُوحُ

الكَريمُ :صفةٌ لكلِّ ما يُرْضَى ويُحْمَدُ في بابه

حَجَر كريم: نفيس

خُلُق كريم: نبيل سامٍ

قول كريم: مُرضٍ في معانيه وجزالة ألفاظه

رزق كريم: كثير

ماذا تفهم من كل هذه المعاني اللغوية أن الله تعالي يصف القرآن الكريم بالكرم؟

هل معني هذا ان الله تعالي يشبه القرآن بشخص كريم يعطي بوفرة لمن حوله؟ الحقيقة نعم، فالقرآن من يقرأه وهو متخصص في اللغة – النحو – الصرف – الفزياء الكونية – الجغرافيا – تاريخ الأمم و غيرها يأخذ منه وينهل ولا يشبع ولا يصل لنهاية مادام مشتغل فيه بتخصص ما، وغير المتخصص القاريء العادي الغير متدين: يصحح مفاهيم طالما يقرأ به ، يصلح أخلاق، يهذب معوج ويحسن مع الوقت مقدار التدين ، والشخص المتدين الذي يقرأ القرآن: ينهل بسخاء منه حفظاً تارة، وتحسين تجويد تارة أخري، وزيادة إيمان تارة، وتصبير علي محن تارة اخري، ووصول لحكمة ومعني وتغيير منظور الحياة في عينيه، فقاريء القرآن المتدين ينظر بنظارة القرآن للأحداث من حوله.


2- أنه لا شك فيه

﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 2]

من معاني اللغوية للفظ ريب 

الرَّيْبُ : الظَّنُّ والشكُّ والتُّهمةُ

ما معني  أن الله تعالي يصف القرآن بأنه غير مشكوك فيه، الحياة تقوم علي الظن والشك، والصدق فيه نادر وأهل الصدق نادرون، تظن العروس أنها لن تتزوج ابدا، ويظن الشريك أنه لن ينسحب من شراكته شريكه ابدا، وتظن ويظن ويظنون، الشيء الوحيد الذي لا يقوم علي الشك في هذه الحياة (الموت) غير ذلك كها مظان، وهناك مظان سيئة وأخري جيدة ، الأهم: هذا كتاب  يقول الله تعالي عنه أنه غير مشكوك فيه، أي خذ ما فيه وأنت مطمئن تماما أنه لن يُكذبك ولن يكون ما فيه مثل الآخرة أمر ظني، لا بل أمر قطعي أي سيحدث سيحدث ، هذا ما نفهمه من أن الكتاب لا ريب فيه 

وأعطيك مثال 
تخيل أنك تعمل في شركة لها اسم كبير وموجودة مثلاً علي أرض الواقع 80 سنة ، اسم كبير مشهور تتمني أن تعمل عند هذه الشركة ولتكن شركة Apple مثلاً، هل تثق في المدراء إذا اعطوك نصيحة في العمل وخاصة المدير التنفيذي؟ بالطبع، هل سألت نفسك لماذا؟ هل لأنه كبير في السن، أو منصبه أو غير ذلك؟ لا بل لأن ببساطة شديدة لشركته اسم لا يقل نجاح عن 80 سنة فقط علي أرض الواقع ومن نجاح إلي نجاح لا إخفاق مطلقا، انتهي المثال: ويبقي الشاهد: هناك اليوم أكثر من 7000 ديانة أرضية علي ارض الواقع منها روبوتات علمية غزيرة التعلم والمعلومات وعندها تفكير عميق وتدعي الألوهية ، ومع ذلك لم يبقي دينها نجاحا علي ارض الواقع - إن نجح - وكان له معتنقين - إلا بضعة سنوات، قل ما تثق به أكثر، كتاب يعود  إلي ما أكثر من 1000 عام وهو لا يزال يثمر ليومنا هذا معلومات فزياء كونية تارة ، وتاريخ أمم يدخل تحت مظلة اليونسكو تارة أخري " آثار ثمود" في الأراضي السعودية. 


3- أنه عزيز

قال تعالى

(وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٞ) [فصلت:٤١]

من معاني عزيز اللغوية

منيع

تَعَزَّزَتْ مَكَانَتُهُ بَيْنَ أَصْدِقَائِهِ : تَقَوَّتْ، تَشَرَّفَتْ

تَعَزَّزَ الرَّجُلُ بَيْنَ أَهْلِهِ : صَارَ عَزِيزاً

تَعَزَّزَ بِصَدَاقَتِهِ : اِعْتَزَّ بِهَا

أَنْتَ عَزِيزٌ عَلَيَّ: مُكَرَّمٌ عِنْدِي، لَكَ مَكَانَةٌ وَتَقْدِيرٌ

هُمْ أَعِزَّائِي : هُمْ أَحِبَّائِي

عَرَفْتُهُ عَزِيزَ النَّفْسِ : كَرِيمَ النَّفْسِ، نَبِيلاً

وما معني ان الله تعالي يصف القرآن بأنه عزيز؟

لنتفقد بعض المعاني اللغوية لنجيب عن هذا السؤال

منيع
معني عزيز أنه منيع، ومعني ذلك أن لا يستطيع أحد أن يقطعه مثلاً أمام سُلطة من الغرب وامام الكاميرات ولا يقاوم هذا العدوان أحد من المسلمين؟ لا، بل معناه أنه وإن قطعت أوراقه هنا بسبب حرب أو نزاع مسلح أو تصرفات إرهابية من أي دين آخر (الإرهاب لا وطن له ولا دين) فإن اوراقه الفعلية محفوظة في الصدور منذ 1000 عام وأكثر في صدور ملايين البشر وتوارثوا حفظه أباً عن جد، ولم يغلبه أحد ولم يستطع أحد أن يمحيه من الوجود.

عززت مكانته
كان شريف في قومه، ويقال في المثل العربي: ارحموا عزيز قوم ذل، لماذا؟ لأانه كان عزيز (شريف – نبيل بين قومه) ثم ذل لأي سبب من الأسباب الدنيوية، الله تعالي يصف كتابه بالنبل والشرف، ولو قرأت هذا الكتاب لوجدت منظومته القيمية المتواجدة من 1000 عام تفوق أي منظومة قيمية رأتها عيناك أو حتي سمعت عنها، المصيبة ليست في الإسلام أو القرآن، المصيبة في تطبيق المسلمين لهذا الكتاب، وهو كتاب عزيز علي محبيه ، لا يهون عليهم، يضعونه في سيارتهم حفظاً واعتزازاً، تجد المسلمين في كل مكان، يأخذوا منه نصوص كرسائل صغيرة من الله تعالي فهو في الأساس كلام الله، وفي الإسلام: إذا أردت أن تكلم الله فلتصلي، وإذا أردت أن يكلمك الله تبارك وتعالي اسمع أو اقرأ القرآن.


4- أنه مجيد

قال تعالى

(قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ) [ق:١]

صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من مجُدَ: كريم شريف حسن الفعال والخصال والشمائل، تامّ كامل متناه في الشَّرف

المَجِيدُ : الوافر المجد

أتعرف المجد والشهرة التي يتمتع بها السياسيون والملوك والمشاهير؟

1- هل تعلم منذ 1000 سنة كان هناك كتاب مقدس له نفس شهرة القرآن؟ نعم ربما الإنجيل، نعم ولكننا كمسلمين متحيزين بعض الشيء – ليس مثل القرآن – مواعظ وحكم ولم يترك صغيرة أو كبيرة إلا تحدث عنها

2- أتعرف: كتاب مشهور كُتب من 1000 سنة لا زال يقرأ حتي الآن مثل يوم أُنزل وبنفس التشكيل الذي أُنزل به غير القرآن؟

4- أتعرف كتاب يحبه الملايين ويكره ملايين آخر غير القرآن؟ حتي الكره شهرة؟


5 - أنه مبارك 
قال تعالى
(كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ) [ص:٢٩]
مبارك: كلمة تقال عند التهنئة بمولود أو زواج أو نجاح أو غير ذلك، ولها دوي في الأذن محبب للنفس و- هي النماء والزيادة - وتأتي بمعني: بَرَكَتِ السَّماءُ : تَهاطَلَتْ أَمْطارُها دُونَ انْقِطاعٍ- وهي أيضاً الزيادة والنماء

هل حفظت القرآن؟ ربما أنت علي طريق الحفظ، ولربما ختمت حفظاً؟ هل رأيت بركة في رزقك؟ في اولادك – في عملك – في سريرتك – في كل ما تمنيته؟ بالتأكيد هذا لا يتعارض مع مصائب ومصاعب الحياة، فالحياة دائماً شقاء حتي الغرب الكافر يقولون عن الحياة Its Ups & Downs ولكن في الحالات الطبيعية لابد أن تري أثر القرآن في حياتك ، تعلمه وعلمه لأولادك فإن في أخذه بركة لا يعلمها إلا من له علاقة به.


6- أنه حكيم 
قال تعالى
(وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) [الزخرف:٤]

معاني الحكيم في اللغة

الحَكِيمُ : من أسماء الله تعالى

الحَكِيمُ: ذو الحِكْمَة

الحَكِيمُ: الفيلسوفُ

الحَكِيمُ :الطبيبُ

الذِّكر الحكِيم: القرآن

رَجُلٌ حَكِيمٌ : مُتَبَصِّرٌ مِنْ ذَوِي الحِكْمَةِ

شبه الله تعالي القرآن بأنه رجل ولكنه ليس كأي رجل تقابله في الحياة، وانت تسير في الحياة: تري رجال يبلغون من العمر ثمانون عام أو ربما مائة وتجده لا يمتلك سوي حكمة الأطفال، وهناك غلام لا يبلغ من العمر أكثر من 10 سنوات وتستمع لكلماته وكأنك أمام رجل قلب الدنيا في يده كما يقلب احدهم عملته المعدنية، ما هذا؟ إنه النضج النفسي، إنه الحكمة التي تعطي بقدر علي قدر من رب الأقدار كلها، يقول الغرب الكافر: لا ألم لا مكسب، وقد صدقوا وهناك حكماء الصين وحكماء الهند وحكماء هنا وهناك وتجد طفلة يابانية تتحدث لأمها وهي مجرد طفيلة بحكمة يشيب لها شعرك تحدثها عن الإمتنان والحب الذي يملأ قلبها تجاه والديها ونصائح لأمها للتعامل مع والدها، وكل مقطع تقول لها جملة لا تعلي – فيديوا اشتُهر علي السوشيال ميديا – فتفضلا: لا تقل الحكمة عربية وتحتكرها لنفسك، هذا مبدأياً، أم ثانياً: فالحكمة كما يقول الحديث: ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق وبها و أهلها وكلنا يحفظ ذلك، فما بالك أن هذا الكتاب الذي ربما لا يوجد واحد منه في بيتك أو علي الرف ملأه التراب، أو حتي في خزانة لا تعلم مكانها بل يعلمها منظم بيتك وانت لا، فقط اعلم ان هذا القرآن حكيم قد وصفه الله تعالي بهذا، وانت تبحث عن الحكمة في الصحة تارة وفي العلاقات بين الناس اخري، وانت تفكر أؤمن أم لا إلي الآن، ازح حبائل العُجب عن كاهليك وانت الأصح أنك أبعدت نفسك عن دائرة الإيمان، افتح كتابك فلا يكن اسمك مسلم وانت لا تعلم عنه شيئا، الحق الركب: الحق أن تستفيد من حكمته.


7- أنه شفاء لما في الصدور

قال تعالى

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ) [يونس:٥٧]

أولاً: موعظة 
الموعظة تختلف كلياً عن النصيحة، فالنصيحة تخرج من القلب وفي الغالب تصل للقلب: فالنصيحة هي  ما تريد من أمامك يكون احياناً أفضل منك إن كانت النصيحة خالصة لله تعالي، فتجد الأب ينصح ابناءه وتجد الأم تنصح ابناءها من قبيل خبرتها حتي لا يكرروا اخطاءها والمعلم الأمين: ينصح اولاده ولا نقول طلابه كما ينصح ابناءه سواء بسواء، ويقال في الحديث: الناصح مستأمن، فمن ينصحك بعكس ما يضمره في نفس فهو شخص غير أمين، غاش لله ورسوله بعكس نص الحديث الشريف، أما الموعظة: فهي تذكير بالعواقب، لو فعلت كذا وكذا سيحدث لك كذا وكذا وانتهي الأمر، 1 + 1 = 2 وهناك بعض العقليات لا تفهم ولا تعي في الحياة إلا هذه الطريقة في التفكير، لذا القرآن الكريم: ينوع خطابه بين الموعظة أو الحكمة عن طريق نهاية قصة أو نهاية أمة من الأمم أو حتي قصة من السيرة ، فيقول لك القرآن مثلاً (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) هي حكمة قصيرة بليغة ولو لم تعلم قصة نزولها لكفتك وانت تسير في الحياة. 

ثانياً: شفاء لما في الصدور 
من عجيب شكل الحياة: أنها مختلفة في عيون الناس، فمنهم من يراها متلونة وكلها بهجة ومرح، ومنهم من يراها أبيض وأسود ولا يعلم حتي  ظلال أحد اللونين، ومنهم من يراها كما كان يرها رسول الله صلي الله عليه وسلم حلوة ولونها أخضر المهدد بالإصفرار ثم السقوط علي الأرض والهدم بالأقدام لمجرد تغير فصول الحياة، فهذه من صفات اللون الأخضر الذي يحمل الشباب والنشاط والحيوية وهو مريح للعين (حديقة خضراء) ومع ذلك مجرد فصل واحد من فصول السنة تتغير لون الحديقة في عينك، هذه هي الحياة بسهولة ويسر فلا داعي للتفسيرات المعقدة لفهم الحياة، الشاهد من هذه المقدمة: أن الحياة لا تبقي مطلقا علي نفس الشكل الذي عاهدناه في السابق، فلربما كانت الحياة بدايتها حلوة مبهجة وبعدها جاءت سنين "خريف" وكأنها دهر حتي ظهر ربيع الحياة مرة أخري، ونحن نري الحزن الشديد من وجهات نظر الإيجابيين - وهم كُثر هذه الأيام - من علامات الكآبة وانها تهدد ايجابيتك ..الخ، ولا يعرف احدهم أن للحزن فوائد: نعم فوائد جمة إن لم يكن للحزن إلا "النضج النفسي + Pause ثم تفكير عميق يصل بالنفس لما لا يستطيع الوصول به وهو في حالة غير حزينة مطلقا مطلقا" الأهم: أن في حالة الحزن هذه: لا تستطيع مطلقاً أن احدهم ينظر عليك بقوله " لا تحزن - الأيام دول - عليك بالإيجابية" وتكاد تفتك به وتقول له: اخرس، إذن من تحتمل منه الكلام وانت حزين، من لا ينظر عليك وهو لم يجرب ما جربت أنت أليس كذلك؟ إذن لا يمكن أن يكون انسان مثلك ولا يشعر بمشاعرك، يأتي دور القرآن ، فتسمعه وكأنك تسمعه لأول مرة في حياتك، تنهال دموعك أحيانا وانت تسمعه، تعلم عن الله مالم تعلم قبل ذلك، واحياناً أخر: يكون عندك عُجب بعملك: أنا أصلي - أصوم اثنين وخميس ، أنا - لو امرأة - ارتدي الحجاب الذي اراده الله - تحفظ القرآن ..الخ فتعجب بعملك وهو من محبطات الأعمال، أي تصبح بلا فائدة مهما كان معك من أعمال، ويقال: رُب طاعة أورثت عزاً واستكبارا ورُب معصية أورثت ذلاً وانكسارا، عزيزي: الناس تدخل علي الله تعالي من أبواب متعددة، من الصيام - من الصلاة - من الدعاء ..الخ ومنهم من يدخل من باب الإنكسار، وللعلم لمن لا يعلم: أنه باب الله الأعظم "الإنكسار" يدخلك ويقربك ويمحو خطيئتك ويسامحك وحتي ينسي الناس افعالك السيئة احياناً، القرآن يعالج ويشفي امراض القلوب كالعُجب والحسد والغل وغيرها إن كنت تقرأه كما أراده الله، وكلما أنصفت الناس من نفسك وكلما قمت بعمل إيثار الناس علي احتياجاتك وكلما عملت شيء عكس اتجاه هواك هو أيضا باب الله الأعظم ليس للدخول علي الله هذه المرة، بل لشفاء ما في صدرك من سارقي الأعمال "محبطات العمل". 



8 - إنه باللغة العربية 
قال تعالي 
﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]

﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]

﴿ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ﴾ [الزمر: 28]

ربما أنت تعلم أن اللغة المختارة  في الفضاء (الكواكب الأخر) هي اللغة الروسية، ولربما تساءلت لماذا أو ما دخلي أنا؟ أما لماذا؟ ربما أن اول من وصل للفضاء تقريباً الفضائية الروسية، أما ما دخلك أنت:  فعلاً ما دخلك أنت، وما دخلنا نحن في اختيار الله تعالي لأن آخر كتبه إلي الأرض باللغة العربية وليست اللغة الإنجليزية - الغالبة اليوم - وستغلب آخر الزمان، أو الاتينية القديمة أو العبرية أو أو؟ انت بالتأكيد تعلم أن: الكتب السماوية كلها بل والرسل كانوا في بني اسرائيل ومعني ذلك: أن أمهات الكتب المقدسة في الأديان الأخر بلغة العبرية أو الآرمية القديمة أي لا احد يستطيع قراءتها إلا علماء اليهود "الأحبار" أو القساوسة المجهبذين في القراءة باللغات القديمة، ولربما أنت تعلم أن الغرب اليوم يحيي بعض اللغات المنقرضة القديمة كاللغة الاتينية بدراسة بعض العلوم التجريبية العلمية بهذه اللغة المنقرضة سابقاً في أفخم الجامعات الغربية لإجبار المتعلمين علي احياء هذه اللغة من الإنقراض. الآن دعنا في عجالة غير مفندة للحقائق نفهم لماذا قد يكون الله تعالي اختار اللغة العربية بدل كل لغات العالم لهذا الكتاب الخاتم. 

1-  اللغة العربية اليوم مختارة من المجلس البريطاني للغات من ضمن 5 لغات علي رأس تعلمها كضرورة لقراءة المستقبل. 

2 = للغة العربية مفردات عدة لنفس اللفظ عكس أغلب لغات العالم

3 - اللغة العربية بالرغم من أنها لغة ظهرت منذ آلاف السنين وتعتبر من اللغات القديمة غير المنقرضة - هبة من الخالق - قل لي ماذا تعرف عن اللغة الهيروغلفية - أو السريانية أو الصينية القديمة أو غيرها - ببساطة انها انقرضت وانتهي الأمر. 

4 - لن تتذوق الشعر الصحيح حتي لو ليس لك أذن شعرية إلا باللغة العربية الفصحي. 

5 - من ضمن فضائلها، هي ايضاً اللغة المختارة للتحدث بها في الجنة من ضمن لغات العالم أجمع. 

الآن.. تحدث بما تشاء أن تتحدث مع أصدقاءك - مع ابنك - مع عائلتك، لكن لا تغفل بعد الآن: لغة أهل الجنة، لا تغفل ما يختاره المجلس البريطاني لأبناء وطنه يريد لهم الخير وانت تختبأ منا اختباءا، اليوم بعض الدول العربية كل البقالة في السوبر ماركت الكبيرة تخرج لك قائمة باللغة الإنجليزية - الأطباء - المعامل - حتي الدردشة بين الشباب قلت من اللغة العربية وتحولت إلي الإنجليزية ثم اختصرت للإيموج (الوشوش التعبيرية) وهذا فيه من الحطر ما فيه، لماذا؟ لأن جزء أصيل من اللغة "الكتابة بها" وإن فقدت اللغة، فقدت جزء من هويتك العربية، اسمعك تقول: لا تهولي الأمور ليس لهذا الحد، لا إنها حقيقة ابحث عن جملة عناصر الثقافة المادية وأنت ستعلم أن الكتابة عنصر من عناصر الثقافة ، أخيراً: الله اختار اللغة العربية لهذا الدين ولهذا الكتاب المقدس، وانت ماذا تختار؟ بل اعتبرها عبادة من ضمن العبادات إن كنت لا تتقنها، أو كنت من الغرب الكافر: تعلمها ربما تنفعك في شيء. 


9 - يهدي إلي الحق وإلي طريق مستقيم 

قال تعالي 
﴿ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 30]

أولاً: الحق
هل أنت صادق؟ هل انت صاحب حق؟ هل تقول الحق؟ هل تدور حول رحي الحق حيثما دار؟ لماذا اسأل هذا الأسئلة؟ لأك لو كنت لست هذا الشخص لن تنتفع بالقرآن، فقط اتركه وشأنه لمن هو أفضل منك، أما لو كنت تحب الحق حتي لو كنت لست من أهله ولكن تحب الحق واهله، فأنت مع من تحب، ومن سار علي الطريق وصل ، هنا وهنا فقط سوف تنتفع من القرآن، من اهم شيء لكي تكون ممن يبتغي الحق: اعلم: ان لله تعالي اختبارات ليست مثل ورقة الإمتحان الغبية التي كتبت عليها في المدارس والجامعات، والتي ربما غششك فيها احد، لا لا، بل هي اختبارات تخرجك من داخلك لخارجك أمام من حولك وليس لنفسك وحسب، وهي ليست وانت في حال طبيعية لا لا، بل في وقت اختلاف المصالح، عندها إذا انصفت الآخرين من نفسك التي بين جنبيك فأنت تبتغي الحق، فقط تذكر: ان نفسك التي تدافع عن حوقها ليل نهار ( مرة ان لا تشعر بمشاعر مسيئة لا تحبها - مرة بافضل الأكل والشرب - مرة بالخوف علي الصحة) حقك ولا نقول لك غير ذلك، لكن المشكلة انك تدافع عن نفسك هذه بظلم الآخرين، وإلا ربما لا تعرفها غداً، نعم هل قرأت في القرآن مرة "يوم نختم علي افواههم وتكلمنا أيديهم وأرجلهم بما كانوا .." عافاك الله وعافانا. 

ثانياً: الطريق المستقيم 
ما هو تعريف الطريق المستقيم في الهندسة؟ هو أقصر طريق بين نقطتين، أليس كذلك، فالقرآن يهديك لعدم الوقوع في المحاولة والتكرار والخطأ، سيوصلك بسرعة إلي مرضاة الله تعالي، وقيل إنه علي قدر استقامتك علي هذا الدين (صراط الدنيا ) وهو ليس أحد من السيف ولا أرفع من الشعرة ولكنه صعب جداً جداً علي بعض الناس الإستقامة عليه بلا معين، فبعض البيئات يكون كل من حولهم لا يعين علي التقوي، الأهم: أنك ستفقد الجهد والعرق والوقت طالما أنت بعيد عن طريق الحق، وقد جمع الله تعالي بين حبك للحق واستقامتك علي الوصول من نقطة الغفلة لنقطة الإيمان بالله والإستقامه علي امره. 

ثانياً: ما المواضيع الأساسية التي يتناولها القرآن؟
أنت خبير أن أي كاتب من الكُتاب الحاصلين علي جوائز أدبية رفيعة المستوي: لهم بعض المشتركات في طريقة كتاباتهم منها: التحدث عن الكليات في البداية ثم يجزأها لأجزاء ليعلمك تفاصيل فكرته جيدا، ومنها: أن يتحدث في أشياء رفيعة المستوي ولا يتكلم في أمور تافهة، ومنها: أنه يستطيع المثقف جداً أن يقرأه ويستمتع به لأنه يأخذ معلومة جديدة منه، ويستطيع النصف مثقف أو من علي طريق التثقف أن ينهل منه لغة سليمة - جزالة ألفاظ - جمل رنانة قد يحفظها فتكون سبباً بعد ذلك في جزالة لفظه وفصاحته.

 الآن: هل وجدت هذا في القرآن الكريم - دعنا نتعرف علي ذلك سويا؟ 

10- الغيب

 جاءت كثيراً في القرآن الكريم كأساس من أساسيات وكليات هذا الدين ثم جاءت السنة شارحة ومبينة لنوعية هذا الغيب المنقسم (لرؤية الله - الجن - الملائكة - اليوم الآخر) 

11- الإهتمام بالطبيعة والكون 
أتي القرآن بآيات عدة عن ضرورة التفكر في الكون من حولك ، مرة يقول لك (قل سيروا وانظروا) ومرة يقول لك  " قل سيروا في الأرض ثم انظروا) ومرة يقول لك " قل سيروا فانظروا" جاءت بنفس اللفظ "ثم انظروا" بثلاثة صيغ مرة بعد أن تقضي مهمتك التي سافرت من اجهلها: تعليم - زواج - تجارة ..الخ: عليك أن تبدأ في النظر والملاحظة لكل ما حولك، ومرة جاءت بصيغة  " و انظروا" فجاء حرف الواو الذي يفيد المعية أي لا تضيع وقت، وأنت تأخذ الدكتوراة من هذا البلد أو ذاك: انظر حولك فاستفد من خير ما عندهم وانقله لبلدك، فما وجودنا شعوب وقبائل إلا للتعارف وليس للعبادة فحسب، والأمر يشتد خطورة في آية سورة آل عمران

قال تعالي 
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [ آل عمران: 190]
جاء مثل معني هذه الآية الكريمة كثيراً في القرآن الكريم، ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم في آية آل عمران تحديداً، دار بينه وبين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها: هذا الحديث ، حديث طويل جئنا منه بالقدر الذي يخدم فكرة هذا المقطع ( .. قال : ( أفلا أكونُ عبدًا شكورًا لقد نزَلَتْ علَيَّ اللَّيلةَ آيةٌ، ويلٌ لِمَن قرَأها ولم يتفكَّرْ فيها {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190]  فتخيل أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: يشدد علي ان من يقرأ هذه الآية تحديدا في سورة آال عمران - ومن المعروف أن العشر الآيات الأخر من سورة آل عمران هي سنة مؤكدة قراءتها قبل قيام الليل - أنه سيصيب من يقرأها ثم لم يتفكر في خلق الله "ويل" وهو كما نعلم أنه عذاب شديد، فما بالنا غصنا في اعماق التخصصية ونسينا الكون من حولنا، هذا مما لم يكن أبداً في القرون الثلاثة الأول من عمر هذه الأمة التي مدحها رسول الله صلي الله عليه وسلم. 

12- التعاملات 
تحدث القرآن كثيراً عن التعاملات للدرجة أننا كفهم مبسط لهذا الأمر نظن أن هذا الدين إن قُسم إلي 3 أجزاء، فثلثيه (تعاملات) وثلث واحد فقط "عبادات" ، وما جاءت القوانيني الأرضية إلا لتحسين العلاقات بين الناس، فهل تتخيل أن القانون الآلهي جاء لتظل تصوم النهار وتقوم الليل وعلاقاتك مع من حولك (مسلمين - أصحاب ديانات سماوية - أصحاب ديانات أرضية - أصحاب لا دين) سيئة للغاية وانت محبوب لله تعالي؟ هل تتخيل هذا ؟ لو تخيلت هذا مجرد تخيل فراجع إيمانك، فالخيانة والغدر والكذب علي سبيل المثال لا الحصر تخرجك من دائرة الإيمان، والحديث المشهور في ذلك "من غشنا فليس منا" 

13 - التحدث عن شركاء الكون (الجن والحيوان) 

أولاً: الجن  
لله في خلقه شؤون في هذه الحياة: كون فسيح ضاق بتضييقنا له، إنها عقلية فقط لا غير، وعقلية المسلم عقلية منفتحة علي كل غريب وجديد ومبتكر، فما الإستكشاف الذي يريدنا الله تعالي ان نكتشفه في الآفاق وفي انفسنا إلا ضرب من ضروب العقلية المنفتحة الغير منغلقة علي نفسها أو مجتمعها الضيق، عزيزي: انصحك برؤية فيلم صغير علي اليوتيوب بعنوان ( You're not big enough) هذا الفيلم يبدأ بصورة كوكب الأرض ثم يصعد هويناً هويناً لبقية الكواكب في درب التبانة وحده الذي منه دروب كثيرة أخر، ثم يسير بك في الأفق، فيتسع ويتسع الكون من حولك، ثم تستفيق علي أن الفيديو انتهي، وانتهت معه أفكارك السوداوية حول الإله والكون من حولك، أقصد من هذا الكلام: اننا لا نعيش وحدنا، الشياطين أو الجن منهم الصالحون ومنهم غير ذلك فهم أمم أمثالنا ويتزاوجون وينجبون ويتدينون بأديان ولهم عالمهم الخاص، لسنا بصدد لماذا الله خلقهم؟ نحن بصدد أنهم موجودون بالفعل، لسنا بصدد أنهها فكرة تضحكون بها علي الأطفال ونحن كبار بما يكفي لأن لا تذكر لنا الشياطين، فقط تأقلم أن معنا قرناء، وأنت وقوتك الإيمانية إما قرين خير وإما قرين سوء ، وهم لا يفارقونا لذا أدعية دخول الخلاء و غيرها مطلوب حتي لا تمسك عين منهم ، لا نقول عين حاسد بل أي عين، الأهم أن الله تعالي: عندما خلق "منظومة قيمية سمها - دستور المسلمين سمه - كتاب مقدس سمه" أي ما كانت المسميات فإن القرآن من عظمته أنه لم يغفل التحدث عن الجن - شركاء الكون والدنيا التي نعيشها - وذكر لنا أن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك في سورة الجن، فسبحان من قال في كتابه " ما فرطنا في الكتاب من شيء" . 

ثانياً: الحيوانات 
هل أنت كاتب ماهر في كتابتك - صاحب جزالة لفظية - وفصاحة لغوية؟ لماذا اسأل هذا السؤال؟ لسببن

أ - صاحب الجزالة اللفظية ..الخ
 لا يستطيع إلا أن يكتب عن اشياء قيمية وذات أهمية في حياة الناس، هل قرأت لكاتب مسلم أو فيلسوف مسلم تحدث عن الحيوانات أو الحشرات قبل ذلك؟ مستحيل أليس كذلك!!

ب - من يقرأ لك وهو متعود علي الألفاظ القوية في المعني والبلاغة لا يتخيل من الأساس أنك تكتب علي مثل هذه الهراءات، وانت من الممكن أن تستحي من ذلك أيضا. 

اعلم قصة واحد من علماء الرياضة 
اسلم حديثا، كان في اول إسلامه عندما يصلي صلاة المسلمين، يغلق ستائر بيته والأبواب جيداً، خشية أن يراه أحدهم وهو يسجد في الأرض لإله ويعيب علي عقله الناس، أفهمت ما أقصد 

الآن.. ضع في حسبانك (الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة) 
وحقاً له ذلك، فصاحب مصانع الساعات السويسرية ، أو حتي العامل في شيء تافه في سلسلة التصنيع في هذا المصنع لا يستحي من صنته: لأنها مُشرفة - متقنة - مجودة ، والله تعالي أيضاً: لا يستحي أن يذكر خلق حقير في نظرنا من خلقه الواسع سبحانه وتعالي (نحلة - عنكبوت - ذبابة) أو فيل يفرد له سورة بأكملها دون ما يفرد سورة للأسد " ملك الغابة" وتحدث عن الحوت في البحر وتحدث عن الطير الأبابيل ، ماذا أقصد؟ أقصد أنه " القرآن الكريم" كتاب خاتم: أي لا مجال للسرد الممل ، بل مجرد نماذج لأمة من الأمم: أمة الحشرات - أمة الطيور - أمة الحيوانات البرية للخيل والفيل والأنعام - أمة الحيوانات المفترسة: كالسباع، وحتي الزواحف مثل الثعبان لم يغفلها

 وهنا وقفة
أنت تعلم أن الكاتب المرموق إذا أحب أن يعتزل الكتابة وكتب كتاب يقول للقراء أنه سوف يعتزل الكتابة، يضع فيه عصارة فكره، يضع فيه خبرته، يضع فيها أشياء ملهمة يتعلم منها أجيال لاحقة من بعده، يودع الناس إلي اللقاء في حياة أخري إن كان ممن يؤمن بالحياة الآخرة التي يلتقي بها المحبون الذين فارقوا بعضهم لسبب من الأسباب، أنا اعلم أنك تتفق معي في ذلك، لذا: ماذا تتخيل أن يكون القرآن "الكتاب الخاتم" للأمم جمعاء ، آخر كتاب ينزل من السماء ، وآخر رسول صلي الله عليه وسلم؟ ها ؟ هل تتخيل أن الله خلق الحيوانات عبثا؟ حاش وكلا؟ إذن هل خلقهم ونساهم؟ حاش وكلا، إذن: لماذا انت أيها المسلم لا تهتم بما اهتم به الله تعالي؟ اسمعك تقول: أتريديني أن اهتم بالعنكبوت مثلاً؟ نعم: أريدك أن تهتم بالعنكبوت؟ لماذا وجد وماذا تتعلم منه ؟ لم يخلق الله شيئا عبثياً مطلقا، اعلم أن وراءك سعي وعمل ومجاهدة نفس وعلم وأطفال ووو، ولكن هذه الحياة تستحق منا بعض الوقت للتأمل الذي هو ليس عادة غربية بل هو من صميم ديننا الحنيف للدرجة التي وعد رسول الله صلي الله عليه وسلم من قرأ آواخر آيات في سورة آل عمران وهي سنة مؤكدة قبل قيام الليل أن تتفكر، فقط تفكر وتأمل، هي عبادة وليست عادة في ديننا، كلمة تفكر لا يهم جاءت كم مرة في القرآن، ولكن لا تلغي عقلك وتقول أنا لا أريد سلبية في حياتي ، أريد أن أحمي رأسي من التفكير المزمن، هذا ليس تفكير مزمن، هذا تأمل وهو عبادة، فقط تذكر أنه في ديننا عبادة وليس عادة. 


14 - تاريخ الأمم 
الآن: أنت بالتأكيد خبير بالجملة المشهورة (إذا أردت أن تعلم ما هو آت فلتنظر إلي ما فات، فإن الأمور متشابهات) فمن لا يعرف تاريخ لا يفكر في مستقبل، نحن نسير مع عجلة التقدم، وعجلة التقدم لم تبني اليوم، بل بنيت قطعة صغيرة - قطعة صغيرة حتي وصلت إلي ما وصل إليه العلم اليوم، فإذا أردت أن تركب في مركب التاريخ الحضاري الحداثي المتقدم ، تفضلاً لا تنسي اجدادك - تاريخك - مجد آباءك ، معاناتك أو معاناة من سبقوك في هذا التاريخ الإنساني، فالتاريخ يعيد نفسه دائما وابدا، واسألك سؤال: هناك حركة في الغرب تُدعي ( Creative Society) هذه حركة حداثية يريد أصحابها أن يعيدوا تشكيل المجتمعات بطريقة مبتكرة ويتساءلون سؤال فلسفي: ماذا فعلت الأديان والرسل لمجتمعاتهم من إصلاح مجتمعات وابتكار كما ابتكار التكتنولوجيا وكانت لهم أسئلة عن نبوءات الرسل بهذا الواقع المؤلم الذي تعيشه المجتمعات الغربية - العربية سواءاً بسواء، لا يهمنا ما وصلوا إليه ولا كيف رد المسلمون وكانوا حاضرين للـــ Events التي قاموا بها 3 ايام علي التوالي أون لاين، الشاهد: من غير تحيز تفضلا؟ لو علمت أن هناك 7000 ديانة أرضية برسلها بآلهتها بكتبها المقدسة، وانت نفترض مجرد افتراض أنك لا تدين بدين: هل تفكر مثلهم؟ ولكني اسألهم سؤال مغاير بعض الشيء؟ هناك ربوتات علمية فائقة العلم - هناك خوارزمات للتفكير معك بعمق - هناك  كنائس علمية اليوم في الغرب، وقد قالوا: أنهم خلقوا الإله في آلة 
1-  ماذا قدموا للإنسانية الشعثاء التي تتنفس بصعوبة بالغة متلاحقة بــ (مجاعات - نزاعات مسلحة قبلية  في بعض البلدان منذ ما يقارب 20 عام - حروب بالوكالة - حروب إبادة - وغيرها) هل العلم المفرط قدم حلول ؟ 

2 - هناك هجرة مناخية - بلدان تخرج من الخارطة الدولية - هناك بلدان رحلت مكان عاصمتها بضعة كيلومترات عن نفس مكانها حتي لا تغرق بحلول 2030؟ ماذا قدمت الروبوتات فائقة العلم لهؤلاء المنكوبين؟ 

الآن..
مع كل هذه الفلسفة: هل القرآن قدم حلول لمثل هذه المشاكل؟ الإجابة بلا تحيز: نعم 

1 - الإسلام قدم حلول للعبيد (21 حل) لم يقدم الغرب منه شيء حتي مع الحقوق التي اعلنتها الأمم المتحدة. 
2- الإسلام قضي علي الفقر (زيرو فقر بحلول 2030) نصف العالم في مجاعات، بالزكاة - عدم الربا - بالتصدق - بعدم احتكار المال بين قلة غنية وغيرها من الحلول. 
3- أما عن الحروب: فأفضل طريقة للتعامل مع الأسري تجدها عند المسلمين، عدم قطع شجر او دخول كنيسة عنوة أو إيذاء ناسك في معبده أو قتل طفل رضيع أو نساء أو شيوخ لن تجده إلا في الإسلام - لا يهم من يطبقه بطريقة خاطئة - هذا الكتاب يحتاج لعقول مستنيرة أن تقف امامه مذهولة من إحكام أفكاره لإحتياجات البشر. 

4 - أما عن هجرة المناخ وعدم العدالة المناخية: فالإسلام: عرض فكرة الهجرة كفكرة محورية في حياة البشر بل في حياة الأنبياء، انتقل من مكانك مهما كانت ذكرياتك، فأرض الله واسعة وإنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب. 


15 - التحدث عن العواقب 
الموعظة الحسنة هو تذكير بالعواقب، كما تقول لإبنك: لو لم تذاكر جيداً لن تنجح في الإمتحان، هل انت لا تحبه؟ لا بالطبع أنت تريد مصلحته، وماذا تفعل المذاكرة إذن؟ تقلل نسبة المحاولة وتكرار الأخطاء في ورقة الإمتحان؟ وبعد ورقة الإمتحان: هل ننسي ما تعلمناه؟ نحن في الشرق نتعلم - إلا ما رحم ربي - تعليم بنكي: بعني أننا نفتح الدماغ - نصب بها المعلومات - ثم نفتح الدماغ ونصب ما بها علي ورقة الإمتحان - ثم ننسي، أليس كذلك؟ صحيح، هل نفعل الشيء مثله مع تعلم القرآن نظرياً؟ نحن نحفظ حفظ متقن - البعض يفعل - ويسرده علي شيخه ثم يجيزه ويعطيه إجازة تصل لنسب رسول الله صلي الله عليه وسلم، وماذا بعد؟ هل ننسي لا أقول ننسي حروفه وكلماته؟ لا أوامره ونواهيه؟ نعم ننسي، كل علم الدنيا: تتعلمه وفي الغالب لا تستفيد منه شيء علي ارض الواقع وتعمل في مجال غير مجالك في الغالب ، هل تتذكر ما استذكرته في الثانوي أو الإبتدائي؟ لا يمكن اليس كذلك؟ هل لم يعلق بذهنك أي شيء من هذه الفترة؟ نعم ، نعم أعلم الآن: أنا اتذكر هذا المعلم: الذي احياني بكلماته المشجعة وقت ما كنت انسحب داخل نفسي حزنا - لأي سبب من الأسباب ، واتذكر يوم اخرجني المدرس من الفصل، فجاء مدرس آخر وأدخلني وشفع لي ..الخ، أقصد: انك تتذكر المواقف القيمية التي بها مشاعر إنسانية بحتة - ما أصبحت علامة في حياتك، هكذا القرآن: لن تفهم وأنت تحفظ مطلقا - حتي لو علمت أسباب نزول الآيات والقصص وراءها، ستتعلمها تباعاً في مدرسة الحياة، كلما مر بك موقف صعب: ستجد لك ما يؤنسك في القرآن، كلما مر بك فرح: سيوقفك القرآن عن الفرح المطغي ويرجعك للتوسط ، كلما ربيت أولادك ستجد فيه فاقتك ، وغيرها وغيرها، فالتذكير بالعواقب الكثيرة في القرآن، ليست لأن الله تعالي يريد أن يحد من كمال انسجامنا مع الحياة، بل ليرفعك عن التدنس والإنشغال بالفترة المؤقتة - خاصة إن كانت ليست في حلال - مقارنة بالخلود. 


16- العبادات
وصف القرآن في عجالة أن علي المسلم عبادات محددة، وهذا طبيعي: فهل هناك دين بلا عبادات؟ وما وظيفة العبادات إذن، ما هذا الهراء: أنا وراءي أولاد صغار يريدون أن أطعمهم، وعمل في البيت أو حتي خارج البيت ولي مجموعة من الأصدقاء والأهل، أالله نسي ان اهلنا لهم حق علينا، أيريدني ان اقف بين يديه 5 مرات في اليوم لأصلي ، هذا غير النوافل؟ أين الوقت، ولماذا اقوم بحركات لا افهمها - حتي يقولون عني متدين؟ لا أريد مثل هذا الهراء، وماذا عن الصيام: لا تحدثني عن الفوائد الصحية فأنا أصوم صيام متقطع ويكفي هذا الأمر، أما الزكاة: تريد أن تقتطع جزء من تعبي وشقاءي لأناس لا يعملون؟ أهذا عدل؟ والمصيبة الأكبر في تحركي اتحدث مثلما يتحدث الناس (تلبية الحجيج) ,اطوف حول حجر ,اقبل حجر، فلتذهب الأديان إلي الجحيم. 

إذا كان الكلام السابق لا يمثلك، فاحمد الله تعالي، وإن كان يمثلك فاعلم أن ثلثين الأرض لا يؤمنون بالله العظيم، وانت واحد من الأكثرية، سامحنا (الهالكة) وساخبرك في عجالة لا تفي بقيمة العبادات في الإسلام عن كل عبادة كلمتين وغطاء. 

الصلاة 
صلة بين العبد وربه، نحفظ وماذا بعد؟ أخي غير المصلي: لن أحدثك عن ان الصلاة هي يوجا المسلمين، لن أحدثك عن قيمة الإتحاد مع الأرض في السجود ونزول الشحنات السالبة للأرض وأخذك من الأرض شحنات ايجابية ، لا لا، فهذا يدخل في الفوائد، أحدثك عن شيء  آخر: هل أنت ممن يلبس قناع وانت خارج من المنزل - أبسطه قناع أنك متفاءل وسعيد - وفي الحقيقة انت لست كذلك - هل ترتدي افضل ثيابك أمام الناس لتتجمل؟ هل تغير من طبيعتك خارج المنزل؟ نعم كلنا يفعل، لا عيب في ذلك، لو كان من اجل الله بمعني: أنك لا تري احد مصيبتك لا حتي لا يشمت بك، بل تعالي علي المشكلة حتي تذهب لبلد الجزاء مادحة وليست قادحة، أما رسول الله صلي الله عليه وسلم فقه حكمة الصلاة بدون ديكورات أنها يوجا المسلمين أو أنها تخرج السلبية ..الخ من هذا الهراء التنمية بشرية، بل قال ببساطة  شديدة (أرحنا بها يا بلال) ارحنا من ماذا؟ عزيزي: أنت تجري وتجري وتجري وتلهث مع متطلبات الحياة، وهذا لا يمكن أن يكتمل بك فمنا من يموت صغيراً - أطال الله عمرك في عافية - ومنا من يمرض ومنا من يهاجر هجرة قسرية، فمتغيرات الحياة فجاءية ولا تعطي إنذار قبل حدوثها، عافاك الله من كل سوء - الأهم أنك لابد أنك تعبت من الجري من الداخل قبل الخارج - من أخذ القهوة علي عجالة واكل فطار نصف بطن من اجل المسارعة إلي العمل، قف وقم بعمل Pause قليلا وهي بضعة دقائق ستقول لله فيها ما تريد وتجدد علاقتك به ، وتجري وتجري وتجري مرة اخري، ثم ترجع فتشحن الم زائل بعد الصلاة - حب وقرب وصلة برب الكون - احساس بأنك تفعل ما يراد منك - ثم تجري وتجري وتجري، ثم Pause  مجدداً وقف واشحن، لن يستفيد الله تعالي من هذا مطلقا، فكر من المستفيد؟ وأخيراً: تذكر كلام الايف كوتشنج "المدربين علي الحياة" المقيت احيانا: لأنهم كما الشعراء يقولون مالايفعلون، ولهم كلام رنان تستشعر أنك فهمت الكثير والحقيقة أنك لم تفهم شيئا مطلقا، أي ما كان يقولون ابحث عن نفسك الحقيقية ، ولن تصل إليها مطلقا، و إن تجرأت وقلت أنا أعيش بنفس حقيقية يقولون لك: ما أمارات ذلك؟ الأهم: عش بنفسك الحقيقية بين يدي الله تعالي، اخلع الأقنعة "قناع العُجب عن ان تؤمن بإله - قناع التجمل  امام الناس- قناع الزيف لو كنت مزيفا حقا" وعش 5 دقائقx 5 صلوات = 25 دقيقة وانت نفس حقيقية، هو حقيقي لا يمكن أن يجعلك نفس حقيقية بعد ذلك، إلا بالإستمرار والثبات ، فتأكد أنها ستثمر منك نسخة حقيقية علي الأقل بين يدي الله، ولربما تعيش بها بين الناس، وليذهب الايف كوتشنج إلي الجحيم. 

الصيام 
لا تقول لي هراء أن اصوم لكي اشعر بالفقراء، فلماذا كتب الصوم علي الفقراء الأصحاء إذن؟ لا لن اقول ذلك ولكن اقول بدلاً منه: أن الله يحبه وفقط، ولكني لا احبه: هذا شهر مفروض في العام كله يا أخي، أما الزيادة فانت حر فيها، وهنا ينبغي ان نقول: أن كل شيء يحتاج لصيانة ، فهذه غسالة الملابس تقول لك الصيانة: كل بضعة أشهر قم بعمل دورة غسيل ليس بها ملابس - فارغة  مع قليل من الخل - ستحافظ عليها فترة أخري، وهذا التلفاز يحتاج لصيانة ، وهذا المايكرويف عطل ويحتاج لتصليح وهكذا، أنت أنت عباررة منجم أجهزة (كُلي وكبد وطحال ..الخ) ألا تحتاج لصيانة - تهدأ أمعاءك من الأكل ، الأكل، مع علمك أن الجوع الشديد والصفيع يحسن الميتوكندريا وهي جزء حيوي جداً في الجسم يصلح لك كل شيء بعد ذلك، اختر العبادة فهي ليست هزل ولم يأمرك الله تعالي بشيء تعسفا، بل بحكمة وقدر. 


الزكاة 
تخرج 2.5 % من كل مالك، كل عام تطهير وطعمة للفقير، وشكر للمنعم علي نعمة الرزق، وتطهير من عين الحسود ، وبركة في مالك لا يعلمها إلا المتصدق والمزكي ، وانتهي الأمر 


الحج 
ليس مطلوب منك الحج كل عام، بل هي مرة واحدة في العمر إن استطعت مالياً وبدنياً وأمنت السفر، ولكن حج صح لأنك لا تدري هل ستستطيع فعل ذلك مرة أخري أم لا؟ أما فكرة أن تطوف حول حجر، أو تقول كلمات مثل غيرك، أو تلبس ملابس مثل غيرك ولا تقص اطراف شعرك أو غيرها من المناسك، يبدوا أنك تعلم أن هناك بلدة ما في الغرب يعيش اهلها اغلبهم معمرين بسبب الماء النقي فقط ، وبالطبع العيش بحياة اقرب للطبيعة للدرجة: لو اتذكر جيداً أنهم يتعاملون مع بعضهم البعض بالكلام بالتأكيد لكن لغة التصفير هي اللغة السائدة بينهم خاصة عند المناداة، هل ترغب في الإقامة في مثل هذه البلد وتعمر وتعيش بصحة جيدة؟ ربما؟ لماذا؟ لأنك تعلم أن حياتك ستتغير، الحج أيضاً يغيرك من الداخل إلي الخارج - إن حججت كما أراد الله وتذكرت ابيك ابراهيم عليه السلام بجد ، وتذكرت امرأة ضعيفة بوليدها بجد "هاجر المصرية" وتواضعت وتركت ملابسك الفاخرة ذات الماركات العالمية، وتفضلت علي نفسك بعدم ارتداء نظارة الشمس ولم تضع واق الشمس وتنازلت عن كل رفاهية من أجل رحلة لمرة ممكن أن لا تتكر، تأكد أنك لو فعلت هذا كما أراد الله، سترجع بنسخة جيدية أنت انت لا تعرفها عن نفسك. 

هذا في حدود علمنا القاصر، ونرجوا من الله تعالي أن لا نكون مقصرين في وصف هذا القرآن المجيد..
الروابط


Comments

المشاركات المميزة


أحكام العائلة The Family provision